عيون رقراقة ،تجوب الأرض على رحابة صدرها الحنون..تجوبها وتجود عليها بمياه عذبة تروي عطشها بسخاء لا مشروط
وعيون رحيمة ..تجوب أنحاء الارض ..على بساطتها تتنقل بين السماء والأرض بين الجماد والمتحرك..بين الهامد والحي ..بين وجوه تعبة ..أو فرحة..أو ربما مفعمة بالشجون..فتمسح على الجروح بلمسة أو تداوي بهمسةوقد تساعد دون أن تنبس ببنت شفة
وعيون جافة ..تقاوم النضوب ولو بدمعة ..تجوب الأرض وهي تتلوى ألما لجفافها وندرة عطائها..وتتوق لإرواء ورقة وردة ذابلة
وعيون مشفقة..تضمد الجروح بدموع ساخنةوعيون سقيمة ..تداوي عللها الدفينة بين جنبات جسد مكلوم بالجراح..جراح لا تداويها حتى تهاطل الايام
وعيون سابحة في أجواء رحيبة..تبحث عن غيمة مسافرة ..إلى جزر الأحلام السعيدة..أو أحلام اليقظة
وعيون ثاقبة..اختارت أن تعري المستور دون رحمة..أن تبحث عن المجهول دون تحفظ ..أن تسبر الاغوار وتستنبط الدرر أو تفهم الخبايا والاسرار وحتى المحظور
وعيون غادرة..قد تداري سمومها المتفشية ..أو أشعتها الساطعة تحت ستار حريري منسدل بالغ الاتقان..وتعد بكل الشرور على وجه الاديم..ولا تحصد سوى الجراح الدامية مما زرعته غافلة
وعيون مغلقة ..أبت إلا أن تعيش أنانية ..تنأى عن الشر كما تنأى عن الخيرأو ربما حتى عن الاحلام الضائعة
وعيون تائهة..شاردة..هائمة..تستمتع بعيش على القصور الواهمة ..على شواطئ الرمال الذهبية تحت اشعة شمس دافئة..تتخذ هذه القصور منازلا على سماء الخيال لا يكاد ينقشع مع أول موجة مطلة على الشاطئ او مع أول انتفاضة جسد من حلم عميقأو ربما تواري أحزانا يائسة بين دهاليز ماض أليم
وعيون مشرقة ..نضرة ..تسعى لهدف أزلي طال سجين الأيام..هدف يتمنى إضاءة العالم من حوله ..لا غير
وعيون صافية..شفافة..لا تعرف للكذب معنى ..ولا للرياء ستاراوقد تكون عيونا باسمةتشرق من المشرق لتدفئ محيطها..وتغيب من المغرب وحضنها يتسع لكل هذا العالم
وعيون تجول وتجول..ترى كل العيون..وينفطر قلبها ألما وحسرة ..ويرتوي خذها دمعا..على حال الأنام في عالم الزوال
وعيون وعيون وتبقى العيون بريدا للقلوب ويبقى هذا الدهليز من أشهر المتاهات وأبرع الخمائل للمجهول..لكن العيون مهما جالت لا بد وأن تسقط في واقع اللامبالاة حتى أنها لا ترى عيونا شغوفة قريبة تراقبها عن كثب في غفلة منها وقد لا ترى أعظم الصور في هذا الوجود.