s

16‏/03‏/2008

لحظـــــات



في لحظة من اللحظات من زمن ما،


وجدت نفسي أسير شارع ضيق، لا يتسع إلا لشخص واحد ، شارع تكاد تنعدم فيه الأضواء إلا من نور خافت متسلل خلسة عبر ظلمة المكان وحيث الجو بارد يمعن في قسوته.وطال سيري في هذا الممر دون أنيس ولا جليس ولا كليم، ولم يكن سلاحي آنذاك سوى قلم وأوراق جالستني وجالستها دون كلل ،ناجتني وناجيتها طويلا وكتب لا أذكر محتواها لكثرتها كانت صديقا سريا ألاقيه تحت نور النجوم اللامعة وعلى عتبات نافذة تعشق القمر وتناجيه .. كم سافرت في كنفها وحلقت بين صفحات على بساط ساحر وكم جار علي الصمت وكم تقاعس الزمن عن إعمال عقاربه وكم لفني الملل وكم حدقت بإمعان في الشارع الطويل ، وكم تأففت من الصورة الشاحبة التي بدا عليها المكان وكم ...وكم.. لكن الغرابة في الأمر تكمن في أن الصمت كان متعة لا توصف ..كان سلاما نادر الوجود ..والجدران الغامقة ،ارتسمت بصور حركية ،أما السماء فطالما أقامت احتفالات ساهرة بشهبها الطبيعية واستعانت بكائنات لتزيد الجو طربا..



وفي لحظة من اللحظات من زمن ما ،


جاء القرار ..قرار الإفراج عن أسير نسي الحياة .. سرى نبض في أرجاء الشارع المهجور وانتعش الجسد البارد بدفء عارم .. وعاد الزمن يتراقص على طبول في وضح النهار ..ونمت الفرحة على الثغور،والصمت تلاشى في الفضاء المنار ،وحل محله الحوار، الشعور بالأمان بل وحتى الآمال نسجت قصصا من الخيال سعيدة أو حزينة دلت على ميلاد أو ربما هكذا خيل إلي ..




وبعد لحظة غير طويلة من الزمان..


طوى الزمان صفحة من صفحات الأحلام وأتبعها باعتذار عن العطب التقني الذي أصاب البرامج الدهرية وإشعار بأن الشريط قد عرض سهوا..وكان الإشعار بارع الإتقان فعاد الشارع إلى ضيق أرجائه وشحوب أضوائه.. ليجد الأحلام السجينة والأوراق المبعثرة والكتب المرصوصة والأقلام الحزينة المهجورة لازالت رابضة تنتظر خليلها المسافر..لكن هذه المرة تغير شيء ما بالشارع الحزين وبالمسافر المفتقد ربما تحطمت أشياء أو رممت أشياء أو ولدت أشياء ..ربما استبدلت الصمت بصرخات الحياة أو نسجت خيوط الوصال مع الأحلام الحقيقية أو بنيت جسور الآمال على طريق مستجد وأنيرت الدروب بشمس يوم جديد وزينت الحدائق على أنقاض أشواك الماضي ورقصت صفحات الزمان المظلمة على ألحان ...جديدة...ومستساغة

0 تعليقات:

إرسال تعليق

الاشتراك في تعليقات الرسالة [Atom]



<< الصفحة الرئيسية